من أنا

صورتي
Dr. Abdul Rahman Bin Chik (ARABIC)
Associate Professor of Arabic
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

المتابعون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أهمية "الدافع التكاملي" في تعلّم اللغة العربية بوصفها لغة ثانية

أ. م. د. عبد الرحمن بن شيك السكندري

لكل برنامج تعليمي أهدافه الخاصة، وللدارسين دوافعهم الخاصة التي تحفزهم إلى تعلم اللغة العربية وعلومها. والبرامج التعليمية الناجحة هي التي تبنى على أساس مراعاة رغبات وحاجات ودوافع التعلم عند الدارسين. فعلى ضوء هذه الدوافع توضع الأهداف الحقيقية وكذلك يتم اختيار المحتوى للبرنامج. وبهذا سيندمج الدارس في التعلم بشكل كامل لأن البرنامج الذي هو فيه يتطابق مع دوافعه ورغباته ويضمن له تحقيق أهدافه.

يشمل الجانب الوجداني لدارس اللغة الثانية "الدافعية" التي تحفز الدارس على التعلم، و"اتجاهاته" نحو اللغة الهدف أو أبنائها أو ثقافتهم. من الأبحاث الموجودة في ميدان اكتساب اللغة الثانية يبدو أن الاتجاه السلبي في نفس المتعلم نحو أبناء اللغة الهدف أو ثقافتهم يؤثر في عملية التعلم تأثيرا سلبيا حيث قد يؤدي بالمتعلم إلى الفشل (انظرBrown, H.D.,1987). فعلى المعلم أن يتأكد أولا من مدى إيجابية اتجاهات الدارسين نحو اللغة وأبنائها. وفي الغالب ليس لدى الدارس الناشئ أي اتجاه معين إيجابا أو سلبا، فعلى المدرس أن يبني في نفس الدارس الاتجاه الإيجابي نحو هذه اللغة بتقديم معلومات صحيحة عن الشعب العربي وثقافتهم وعلاقة العربية بالإسلام وهكذا.

وكذلك بالنسبة "للدافعية" التي تحفز المتعلم على تعلم اللغة العربية، لا يكون للمبتدئ الناشئ في الغالب أي دافع أيضا، وإنما يتم تعلم اللغة بسبب رغبة الوالدين أو اتباع عامة الناس، فليس هناك دافعية حقيقية للتعلم؛ فيجب على المعلم أن يغرس في نفس المتعلم دوافع حقيقية لتعلم اللغة العربية..

فكما أن القدرة المعرفية لها أهمية ودور في عملية التعلم، كذلك الدافعية والاتجاه الإيجابي لهما أهمية في نجاح التعلم. وقد أكد هذا الأمر دراسات كثيرة في هذا المجال (انظر Littlewood, W., 1984).

لماذا يكون "للدافعية" و"الاتجاه" ذلك الدور الكبير في عملية التعلم؟ يقول ليتل وود إن الاتجاهات والدافعية ترتبط بصفة خاصة بالقدرة على استعمال اللغة في بناء العلاقات والاتصالات مع الناس. ذلك لأن المتعلم ذا الدافعية القوية وذا الاتجاه الإيجابي تكون له رغبة قوية في استعمال اللغة والاتصال بمتحدثيها واســتغلال جميع الفرص المتاحة لممارســة اللغة فتتكون لديه الطلاقة في الحديث. وأما المتعلم ذو الاتجاه السلبي أوممن ليســت له دافعية قوية فلا يسعى للاتصال بمتحدثي اللغة ولا يعقد علاقات مع الناس بهذه اللغة ولا يستغل أية فرصة لاستعمالها. وفي هذا يكمن سر العلاقة بين الدافعية والاتجاه والتعلم والقدرة على استعمال اللغة.

على هذا، فإن للدافعية والاتجاه علاقة بسهولة تعلم اللغة من حيث إن الاستعمال المستمر للألفاظ التي يتعلمها الدارس يؤدي إلى التخزين والتثبيت في الذاكرة فترتفع هذه الألفاظ إلى مستوى الطلاقة. والطلاقة لا تأتي إلا بالاستعمال المستمر للألفاظ المذكورة في مواقف اتصالية مختلفة. والذي يسعى دائما إلى استعمال اللغة هو المتعلم ذو الدافعية القوية وذو الاتجاه الإيجابي نحو اللغة.

يقسم العلماء الدوافع إلى نوعين: دوافع تكاملية (integrated) ودوافع نفعية (instrumental) . وتشير دراسات جاردنر ولامبرت Gardner and Lambert, 1972)) إلى أن الدوافع التكاملية هي العامل الذي يؤثر على نجاح التعلم ، لأن أصحاب هذا النوع من الدوافع لديهم رغبة ملحة في الاتصال بأبناء اللغة وبناء علاقة وطيدة بهم ليشاركوهم لغتهم وثقافتهم، فتسعى هذه الفئة من المتعلمين لتحسين مستوى الأداء اللغوي حتى يصيروا كأمثال أبناء اللغة، (والمثال على ذلك أبناء المهاجرين الباكستانيين في انجلترا). وأما الدوافع النفعية فهي الرغبة في تعلم اللغة من أجل أغراض نفعية أي لتكون اللغة الثانية وسيلة لتحقيق أغراض أخرى مثل الحصول على الشهادة العلمية أو الوظيفة، فلا تكون درجة قوة هذه الدوافع على نفس مستوى قوة الدوافع التكاملية. ولكن دراسات ليتل وود تشير إلى أن نجاح التعلم لدى متعلمي الإنجليزية في الهند والفلبين يرتبط ارتباطا وثيقا بالدوافع النفعية.

وبالنسبة لغالبية الدارسين المسلمين المقبلين على تعلم العربية خارج الوطن العربي، إن دوافعهم دوافع تكاملية (قارن بنتائج دراســة د.محمود كامل الناقة، برامج تعليم العربية للمســلمين الناطقين بلغات أخرى في ضوء دوافعهم، 1985)، لأنهم يســعون إلى الاندماج في الثقافة الإســلامية وليــس الغرض من تعلم العربية الحصول على شــهادة مثلا أو حتى وظيفة حكومية. وفي حال الوظيفة فإنها ترتبط أيضا بمحاولة الاندماج الثقافي حيث يتخذ مدرس اللغة العربية ســمتا معينا يختلف عن الآخرين. وإنها دوافع دينية تحفزهم على تعلم العربية، وفي هذا يكمن سر نجاح هؤلاء المتعلمين وسر تفانيهم في تعلم هذه اللغة، لأنهم ينظرون إليها في المقام الأول أنها لغة القرآن ولغة الإسلام وعلومه وتراثه. وتتفق هذه الدوافع مع غاية تعليم العربية لغير الناطقين بها في جميع المعاهد والمدارس المنتشرة في العالم الإسلامي، وبعض المعاهد المتخصصة في مثل هذا البرنامج في بعض الدول العربية. يقول عبده الراجحي في هذا الصدد: "تعليم العربية لغير الناطقين بها يجب أن تكون له غاية واضحة محددة... هذه الغاية هي تعليم العربية باعتبارها لغة الإسلام..." (علم اللغة التطبيقي، 1990).

وتتفاوت درجة قوة هذه الدوافع لدى الدارسين المسلمين بتفاوت فهمهم للإسلام ومدى التزامهم بتعاليمه ومدى وعيهم بأهمية اللغة العربية ومكانتها عالميا. لذا، فمن المهم أن يكون لدى المتعلمين وعي كامل بأهمية اللغة العربية وصلتها بالإسلام، وعلى هذا الوعي العميق تأتي الدافعية قوية حقيقية. من واجبات الوالدين والمعلمين إذن، توليد الإحساس بأهمية اللغة العربية في نفوس الدارسين وتشجيعهم على تعلمها، وهذا ما يعرف بالدوافع الخارجية (Extrinsic) ثم عليها يتم بناء الدافعية الحقيقية (Intrinsic) في نفوسهم.

إن عامل الدافعية مهم للغاية لنجاح أية عملية تعلمية لأنها تتصل بصفة مباشرة بالبناء الداخلي للشخص المتعلم. إذا كان مدفوعا من تلقاء نفسه دفعا فيسهل عليه مواجهة الصعاب والعقبات، فيسعى دائما إلى تحقيق الغاية باستغلال جميع الفرص المتاحة.


0 comments:

إرسال تعليق

تم تصميم القالب بواسطة : قوالب بلوجر عربية